توسيع منع الانخراط الحزبي ليشمل موظفي الداخلية… خطوة نحو تحصين الحياد الإداري وتعزيز الشفافية السياسية
في خطوة تشريعية جديدة تعكس دينامية الإصلاح السياسي بالمغرب، صادق مجلس الحكومة على مشروع قانون تنظيمي يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، متضمّنًا تعديلات جوهرية تمسّ كلًّا من شروط الممارسة الحزبية ومصادر تمويل التنظيمات السياسية.
أبرز ما جاء به هذا المشروع هو توسيع قائمة الفئات الممنوعة من تأسيس أو الانخراط في الأحزاب السياسية، لتشمل هذه المرة الأطر والموظفين التابعين لوزارة الداخلية والعاملين بها في مختلف هيئاتها. وبذلك، يُضاف موظفو الداخلية إلى الفئات التي يمنع عليها القانون الجمع بين مهامها ووظائفها وبين الممارسة الحزبية أو النقابية، إلى جانب أفراد القوات المسلحة الملكية وأعوان القوات العمومية ورجال وأعوان السلطة والقضاة وقضاة المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات.
هذه الخطوة تعكس حرص المشرّع على تحصين حياد الإدارة الترابية والمؤسسات الأمنية والإدارية الحساسة، ومنع أي تداخل بين المهام الوظيفية والمسؤوليات السياسية، بما يضمن تكافؤ الفرص بين الفاعلين ويُعزّز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
وفي مقابل هذا التشديد في الجانب التنظيمي، حمل المشروع مستجدًّا لافتًا في مجال تمويل الأحزاب السياسية، إذ منحها إمكانية تأسيس شركات تمتلك رأسمالها بالكامل، تُستثمر في مجالات محدّدة تشمل التواصل الرقمي، وإصدار الصحف والمنشورات، والطباعة والنشر، وخدمات الإعلام والتأطير السياسي.
ويهدف هذا الإجراء إلى تمكين الأحزاب من تنويع مواردها المالية وتقليص اعتمادها على الدعم العمومي، مع تعزيز استقلاليتها في إدارة شؤونها المالية والإعلامية، وهو ما قد يساهم في تأهيل الفعل الحزبي ورفع مستوى التنافسية داخل المشهد السياسي الوطني.
إن مشروع هذا القانون، في شموليته، يجسد توازنًا بين ضبط الممارسة السياسية وتحرير إمكانيات العمل الحزبي، ويعكس رغبة الدولة في بناء حياة سياسية أكثر شفافية ومؤسسات أكثر مهنية، في انسجام مع روح الدستور ومتطلبات الحكامة الجيدة.
إرسال تعليق